لا يخفى على الزائر لمكتب رئيس بلدية الناصرة، علي سلّام، أنه يبدو كمن خرج من معركة شديدة، وعلامات الفرح الممزوجة بالتعب بادية عليه، لكنه يعزو هذا التعب إلى ساعات العمل الطويلة، ولا يتردد بتوجيه السهام إلى كل صوب، الأحزاب ولجنة المتابعة وغيرها، ليجعل القارئ أو الزائر يتساءل ما الهدف من هذا الهجوم، عدا مناكفة الأحزاب التي اصطفت ضده في الانتخابات الأخيرة، وتحديدا الجبهة، أم أنه يخطط للترشح للكنيست... وهذا ما سألناه عنه.

وخلال المقابلة، تطرّق سلّام إلى عدة قضايا، محلية وقُطرية، وعلاقته مع لجنة المتابعة واللجنة القُطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية والأحزاب العربية وانتخابات الكنيست المقبلة، وميزانية البلدية واحتفالات الميلاد والسياحة في المدينة وغيرها.

"عرب 48": هناك ادعاء بأن بلدية الناصرة تعاني، اليوم، من أزمة مالية خانقة، وأن الموظفين لم يتلقوا رواتبهم لغاية الآن، وأن العشاء الاحتفالي بالنصر ألغي بسبب هذه الأزمة. ما صحة هذا الادعاء؟

سلام: لا أساس من الصحة لهذه الادعاءات، البلدية بألف خير والميزانية التي أسقطتها المعارضة أقرت من قبل اللجنة المعينة برئاستي، وهذا أمر يجب على الجميع أن يعرفه. تأخير دفع الرواتب سببه عدم عودة البلدية لأداء مهامها كالمعتاد بعد الانتخابات وهي تعود تدريجيا، وعملت في يوم عطلة ذكرى المولد النبوي الشريف مع محاسب البلدية لكي يتم تحويل الرواتب خلال يومين كأقصى حد.

هناك ميزانية والبلدية تعود للعمل تدريجيا وسننطلق بقوة من أجل خير المدينة كما وعدنا. وهنا أوجه مناشدة لأهالي الناصرة كافة لتسديد ديونهم، لدعم البلدية والمساهمة في النهوض بالمدينة والحصول على أفضل الخدمات.

أما بالنسبة للعشاء الاحتفالي، فلا علاقة للبلدية في هذا الاحتفال الذي يقام على حساب قائمة "ناصرتي" ومن تبرعات رجال الأعمال الناشطين في القائمة وهم كثر. العشاء قائم، كنا نعتزم الدعوة إليه يوم الأحد المقبل، لكن بسبب سوء الأحوال الجوية، كما يتوقع الراصد الجوي، رأينا أنه من الأنسب تأجيله إلى الأحد الذي يليه لأننا نتوقع أن يشارك فيه 30 - 40 ألف شخص.

"عرب 48": ماذا بعد الفوز الكبير الذي حققته؟ متى ستدعو لأول جلسة مجلس بلدي؟ وهل سيطرح موضوع الميزانية؟

سلام: سنعقد الجلسة الافتتاحية للبلدية في الثامن والعشرين من الشهر الجاري، ولن نناقش في هذه الجلسة موضوع الميزانية لأن الميزانية أقرت الشهر الماضي بعد حل المجلس البلدي. كانت هناك جلسة مع اللجنة المعينة وأقرت فيها الميزانية التي عرضناها على المجلس البلدي السابق وأسقطت في حينه 3 مرات. لذلك، فإن موضوع الميزانية لن يناقش قبل العام 2019. وأؤكد أنه في الجلسة الأولى سيتم تعيين اللجان ونواب الرئيس وسنهتم بتفعيل اللجان في أقصى طاقاتها وأكثرها نجاعة. ونحن نعد بخمس سنوات من الخير للناصرة وأهلها، وأهم هذه المشاريع بناء الإنسان والحفاظ على النسيج الاجتماعي للمدينة.

"عرب 48": هل تشعر بأن الانتخابات الأخيرة أحدثت شرخا بين أبناء الناصرة؟

سلام: أبدا، على الإطلاق. العلاقة في الناصرة ممتازة جدا والنسيج الاجتماعي قوي ومتين. لمست هذا من خلال زيارات التهنئة وعشرات آلاف المهنئين الذين وصلوا من الناصرة وخارجها سواء من الأحزاب المنافسة أو من الناشطين على مستوى القيادة أو على المستوى الشخصي، لمست فيهم الحرص على النسيج الاجتماعي وعلى وحدة الناصرة ومستقبل المدينة. ولكي أكون صريحا هناك مجموعة قليلة وربما فئة واحدة تبقى حاقدة على علي سلّام مهما فعل. هؤلاء الناس أعرفهم ولا أستثمر جهدا في إرضائهم لأنهم لن يرضوا ولن يسلموا بواقع الأمر وهدفهم الوحيد إفشالي. لقد وصلوا إلى الحضيض وما زالوا غير مقتنعين بقوة علي سلّام و"ناصرتي". أكرر أنه في اليوم الذي تحالفت فيه جبهة الناصرة والحزب الشيوعي مع رجل الأعمال وليد عفيفي ولم يستطيعوا أن يعتمدوا مرشحا لهم لرئاسة البلدية كان هذا دليل إفلاس، وعلى الرغم من أن مجلس الحزب انتخب مصعب دخان، لكنه عاد ونحّاه جانبا.

"عرب 48": هل كانت باعتقادك الصورة ستتغير لو تنافس مصعب دخان على الرئاسة؟

سلام: لو بقي مصعب دخان في المنافسة لحافظت الجبهة على كرامتها على الأقل. وباعتقادي أن مصعب دخان أقوى من وليد عفيفي، وكان يستطيع أن يحقق نتيجة أفضل، لكن تحالفهما معا أراحني وجعلني مطمئنا أكثر وواثقا من الفوز. العفيفي لم يكن ناشطا سياسيا أو حزبيا من قبل، ووهو عديم الخبرة في العمل السياسي، فضلا عن أن تحالف الجبهة والحزب الشيوعي مع رأس المال أفقدها أحد أهم مبادئها.

"عرب 48": وليد عفيفي كان ناشطا على الدوام على الأقل من خلال جمعية الناصرة للثقافة والسياحة وربما له الفضل في تطوير السياحة... أليس كذلك؟

سلام: العفيفي ومعه طارق شحادة لم يساهما في أي شيء لتطوير السياحة على مدار 25 سنة. كانت جمعيتهما فاشلة، ومع دخولي لرئاسة البلدية قلت بأنني لا أعترف بجمعيتهما هذه، وإذا كنت في السابق لا أعترف بها فإنني الآن أؤكد بأنه سأعمل على شطبها كليا، وسأبلغ وزير السياحة بقراري هذا. وسأعمل على إنشاء جمعية مختصة ومؤهلة لتطوير السياحة أسوة بالشركة التي تعمل منذ سنتين على تطوير البلدة القديمة، وتحقق النجاح. وسنهتم بالمواقع التي تستقطب أعدادا هائلة من السياح كموقع استقبال البابا على جبل القفزة وغيرها من المواقع التي ستجعل الناصرة مدينة سياحية من الدرجة الأولى. السياحة في الناصرة بلغت معدلات قصوى حيث أن الفنادق، اليوم، في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، أي قبل أكثر من شهر على موعد عيد الميلاد المجيد تكاد لا تجد فيها غرفة واحدة غير محجوزة. هذا الأمر لم تشهده الناصرة في تاريخها.

"عرب 48": هل الناصرة جاهزة لاستقبال سوق الميلاد "كريسماس ماركت" هذا العام؟

سلام: كان من الواجب علي أن ألفت عناية الجميع إلى أننا نعتذر عن إقامة كريسماس ماركت لهذا العام، بسبب الانتخابات. أستطيع أن أقيم سوقا للميلاد، لكنني لا أرضى بأن لا يكون بالشكل اللائق، لذلك أفضل أن أعتذر عن إقامته، وفي المقابل أعد بتعويض أهل الناصرة في السنة المقبلة وأن نقيم برنامجا على مستوى عالمي يستمر أسبوعا كاملا، ندعو إليه عدد كبير من المشاهير المحليين والعالميين. سنشارك في مسيرة الميلاد الاحتفالية التقليدية وسنشارك في إضاءة الشجرة وسنلبي الدعوة، لكننا سنعتذر عن سوق الميلاد.

"لجنة المتابعة أرادت مني أن أدعوها لتقدم لي التهاني!" - سلام

"عرب 48": لنعد إلى زيارات التهنئة لك بالرئاسة، فقد كان من المتوقع أن يصل وفد من لجنة المتابعة للتهنئة بوساطة رئيس بلدية الطيبة، شعاع منصور مصاروة، لكن الزيارة ألغيت... ما السبب؟

سلام: لجنة المتابعة أرادت مني أن أدعوها لتقدم لي التهاني! هذا أمر معيب فعلا. في الواقع أنه على لجنة المتابعة واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية واجب تهنئة الرؤساء المنتخبين دون دعوة. مطالبتي بدعوة لجنة المتابعة لتهنئتي هي أمر غير مقبول عليّ، ومن واجب القياديين أن يحضروا بأنفسهم، ومن عادتنا أن نستقبلهم برحابة صدر. حضرت وفود من الجبهة والتجمع والحركتين الإسلاميتين، و"شباب التغيير" وكانت الأجواء طيبة وودية. وأنا من هنا، أوجه دعوة لرئيس المتابعة، محمد بركة، بأن يستقيل بكرامة لأنني أعده بأنني في الانتخابات المقبلة سأسقطه وأضع شخصا آخر مكانه، وأنا من يقرر!

"عرب 48": ما هو دور الوساطة الذي قام به رئيس بلدية الطيبة لرأب الصدع بينك وبين لجنة المتابعة؟

سلام: مؤسف جدا أنه جاء إليّ وطلب أن يأتي على رأس وفد من المتابعة، فرحبت به وقلت أن بابي مفتوح لكل من يرغب في المجيء لتقديم التهاني، ولكنه لم يعد دون أن يذكر سبب عدم استمراره في دور الوساطة. جاء مرتين واختفى فجأة.

"عرب 48": كيف ترى لجنة المتابعة من دون رئيسي أكبر وأهم مدينتين عربيتين، الناصرة وشفاعمرو؟

سلام: هذا يدل على أن القيادة في الجبهة والحزب الشيوعي تعتقد بأنها ما زالت تسيطر على المجتمع العربي من خلال لجنة المتابعة، في حين أن الواقع مختلف تماما. هناك العديد من الرؤساء يرون أنفسهم خارج إطار المتابعة. ربما جاء الوقت لإعادة الحسابات، وسنشهد العديد من المفاجآت العام المقبل، في الكنيست وفي لجنة المتابعة. هناك جيل جديد حان الوقت لأن يأخذ مكانه في القيادة من أجل مستقبل أفضل للعرب في هذه البلاد. سئمنا الشعارات ويجب أن نعيش الواقع.

"العديد من الرؤساء يرون أنفسهم خارج إطار المتابعة" - سلام

"عرب 48": هل هناك أحزاب أو فئات سياسية تحاول استغلال قوّة تأثيرك على الجمهور للاستفادة منها في انتخابات الكنيست؟

سلام: سؤال جيد جدا. في الواقع أعلنت منذ بداية طريقي أنني سأعمل من أجل الناصرة فقط ولا أسعى لدخول الكنيست. رئيس بلدية الناصرة يستطيع أن يخدم شعبه أكثر من أي وزير في البلاد، ولكنني لا أكون صادقا إذا قلت إننا في "ناصرتي" لا نفكر في خوض انتخابات الكنيست مع أعضاء كنيست حاليين من القائمة المشتركة وشخصيات سياسية. أعلن أننا سنخوض انتخابات الكنيست ولدينا شخصيات تتمتع بالكفاءات للعمل من خلال الكنيست.

"عرب 48": يقال إن هناك غزلا بين قائمة "ناصرتي" والنائب أحمد طيبي؟

سلام: في الواقع، أحمد طيبي صديقي وهو الوحيد ومعه أسامة السعدي، حرصا على زيارتنا بشكل دوري. وحديثا زارنا النائب مسعود غنايم وأكرم حسون وصالح سعد وطلب أبو عرار وغيرهم من الأصدقاء وقدموا التهاني.

"عرب 48": هل ستدعم القائمة المشتركة إذا خاضت الانتخابات المقبلة بصورة موحدة كما في المرة الماضية؟

سلام: سأقوم بتأسيس قائمة جديدة أو حزب جديد لخوض انتخابات الكنيست المقبلة.

اقرأ/ي أيضًا | موسم الانتخابات: حزب عربي جديد للمنافسة على مقاعد الكنيست